المشكلة تكمن في الوهم الكبير الذي يعيشه الإنسان العربي في تطلعه باتجاه الغرب كمنتج ومصدر للحضارة وللحرية والحقوق والتنمية , متناسيا أن هذا الغرب هو أكثر من امتهن وانتهك واستباح الإنسان بحقوقه وكرامته وحياته على مدى قرون في مستعمراته المتفرقة في العالم من افريقيا إلى اسيا إلى الأميركيتين ,واقصد هنا , الإستعمار الإسباني لأميركا الجنوبية ,و إبادة الهنود الحمر في اميركا الشمالية , أمّا عن بعض الحقوق والقوانين التي حققها المواطن ساكن هذه البلاد بعد الحرب العالمية الأولى والثانية جائت بعد نضال مرير لطبقة مسحوقة من طبقات هذه المجتمعات مارستها عليها ابناء جلدتها .
وهنا لا انكر أن حقوق الإنسان في اوروبا قد ظهرت في اوجها في النصف الأخير من القرن العشرين لأسباب عديدة ومنها الضغظ الشيوعي والمد الإديولوجي لهذا الفكر الذي بات في اوجه خلال الحرب الباردة .
لكن منذ تسعينات القرن الماضي وسقوط جدار برلين وتراجع الضغط الإيديلوجي الإشتراكي باعتبارها اصبحت نظرية مهزومة وساقطة , عادت هذه الطغم الحاكمة والشرائح المتسلطة في الغرب إلى طبيعتها وتوحشت إلى ابعد مدى بعد عولمتها الحياة ودمج كافة موارد وروافد الإقتصاد في منظومتها المتوحشة التي لجأت لإنتاج الحروب على دول شرق اوسطية لتحقيق ثلاث غايات
,اضعاف تلك الدول وتدميرها بشكل منظم ,والإستفادة من اعادة اعمارها , السيطرة على ثرواتها ومواردها الطبيعية , وتحقيق مكاسب هائلة في بيع واستخدام السلاح عبر حروب اهلية بعد الاستفادة من بيع هذه الأسلحة للدول المعتدية نفسها , لأن صقور الحرب في هذه الدول هم انفسهم مصنعي وتجار السلاح في العالم .
جائت الازمة الإقتصادية بعد نظام الخصخصة التي انتهجته هذه الدول وفرضته على غيرها من الدول التابعة بحيث اصبحت الثروات والموارد في العالم بقبضة نخبة من الرأسماليين والأثرياء الذين لا هم لهم سوى جمع المال .
ورأينا في أوج الأزمة والإنهاريات الاقتصادية للدول التي راح ضحيتها المواطن العادي في كل مكان, تبنت هذه الدول دعم الشركات والبنوك المنهارة من خزينتها التي تقوم على اكتاف صغار الكسبة والطبقة الفقيرة كما فعل أوباما في اميركا بينما أعفي من ذلك اصحاب المال والأثرياء لأنهم حولوا المال العام لنشاطهم المشبوه ومسكوا رقبة العباد لسحب كافة الحقوق والإمتيازات التي حصلوا عليها بعد نضال دام نصف قرن ليتحول العامل والموضف إلى اداة طيعة والقبول بكافة الشروط التي يفرضها اصحاب العمل تحت طائلة الأزمة الإقتصادية والإنهيار التام في حالة العصيان المدني او الإحتجاج مما مكن حكومات متورطة بالفساد للإستمرار بالحكم رغما عن أنف الشعوب , وهذا اتضح جليا في اليونان وايطاليا التي سقطت حكومتها برلمانيا بينما اعيد تشكيلها خوفا من السقوط بالأزمة وهناك دول أروبية كثيرة تعاني هذه المعاناة .
هذه أوروبا تقبل على انهيار اقتصادي مبين بينما مازالت هذه القوى تمعن في نهجها الرأسمالي المدمر لكافة بنى الحياة الأساسية والعودة إلى ظروف القرن التاسع عشر,هذا ما ينتظر الأجيال القادمة ما لم تتحرك شعوب الأرض مجتمعة لإسقاط هذه الطغمة وهذه الشريحة المستبدة التي تتدشأ ثراء بينما العالم يعيش ازمة اقتصادية خانقة