من الطبيعي أن لا يتنازل عن سلطته من وجد نفسه سلطانا على عباد الله طيلة إثنا وأربعون عاما , ومن الطبيعي ان يخاطب الناس كعبيد في عزبة ابوه من فتح عينيه ووجد نفسه سيد مطللق له من نصيب الناس إرثا ووصاية وملكا .
من الطبيعي ان يستقتل على السلطة من استباح البلاد والعباد واستأثر بالحكم جيل كامل تسلط وطغى وتجبر إلى ان استعظم نفسه وأعطاها صفة المطلق ليقول أنا المجد وكأنه لم تكفه الأرض فتعدى على حدود الله في علاه ليقول أنا المجد وأنا الوطن وأنا الصفاة الرفيعة بعد أنا قال أنا ملك الملوك وأنا رئيس الرؤساء.
بعد أن سخّف كل شيء في حياة الأمم وتهاون بجميع المثل الوطنية والأخلاقية والقانونية وفصلها على هواه.
طل المتغطرس على شعبه وعلى أمة كاملة ليضرب بيده على الطاولة ويقول أنا صانع الأمجاد والنصر والحرية ويستمر في إلغاء شعب بكامله استيقظ من سباته و قرر ان يلفظ جيفته كالبحر الهادر.
وقف سيف الإسلام القذافي يهز بأصبعه ويهدد شعب ليبيا وهو مواطن بلاصفة رسمية سوى انه ابن الطاغية ويتوعدهم بالعقاب ويتوعدهم بالموت وكأنه عزرائيل ملك الموت.
كل هذا حدث على مرأى ومسمع الدول والقوى العظمى وعلى مسامع جميع المطبلين والمزمرين لحقوق الإنسان الذين يصدعوا رؤوسنا حين يعتقل معارض رخيص في مكان ما أو يصدر الحكم على زانية في مكان آخر وتنصب اقواس المحاكم للتحقيق في جريمة دون سواها ,ويدعى إلى المحكمة الدولية زعيم لا ينصاع بسهولة للأمر في تفتيت بلاده وتقسيمها كما حدث مع البشير , ومحكمة الحريري وغيرها.
أنا لا أريد ان أنتقد دولا عربية وأنظمة عربية ولن أعول على الشعوب العربية التي تخوض نضالها اليوم في عدة أقطار عربية ’ ولا أريد أن أنتقد الدول الغربية التي تسوق اكاذيب تعرّت منذ غزو العراق ,بل أريد أن أدعوا أصحاب الثورات إلى معاقبة هذه الدول التي هي شريك أساسي لكافة هذه الأنظمة الدكتاتورية والتي استعانت ببعضها لتعذيب المعتقلين فيما يسمى الحرب على الإرهاب ,والتي استخدمت وتعاونت مع هذه الدول لقمع شعوبها وتواطئت معها في تنفيذ أعمال إجرامية للصقها بالإسلاميين كتفجير كنيسة القديسين في الإسكندرية وغيرها .
تصريح رئيس وزراء إيطاليا التافه شريك القذافي بالتفاهة والإنحطاط والمال القذر والمافيا ,كان داعما للقذافي , وموقف الإتحاد الاروبي كان سخيفا ممجوجا وبلا معنى ,وموقف البيت الأبيض ليس بأفضل حال.
كل هم إيطاليا هو ان يتواصل تدفق نصف مليون برميل من النفط يوميا إلى محطاتها واسبانيا والمانيا وبريطانيا العظمى ,كل همهم ان تسير بسللام مشاريعهم الموقعة مع القذافي والتي تبلغ 12 مليار يورو مع إيطاليا ومع بريطانيا صفقة بعشرات المليرات شملت اطلاق سراح المقرحي ومع امريكا صفقة بحدود 40 مليار وغيرها من الدول الأوروبية ,مما جعل موقفها باهتا ووضيعا إلى هذا الحد الذي نشهده اليوم .
إذا لنقل أن العالم لا تحكمه قيم كما يحاول أعلامه ان يسوق لنا بل تحكمه مصالح ومصالح قذرة في بعض الأحيان تكون الكلفة فيه متساوية مابين المواطن العربي واليورو.
الضمير الغربي الذي يتحمل مجازر اسرائيل ويشارك فيها ويتحمل إبادة الشعوب في أفغانستان والعراق وبعض بلدان افريقيا ,لا يتحمل اعتقال مواطن في بلد مثل إيران أو سوريا أو غيرها من دول الممانعة .
العالم الحر يدعم القذافي اليوم ويغمض عينيه عن قصف المواطنين بالطائرات , لكن سرعان ما يتحول هذا الدعم إلى الشعوب حين يسقط القذافي وتقذفه الجماهير إلى مزبلة التاريخ .
" (...)