الحديث عن الحرية هو حديث الشجن وحديث الملاحم واستحضار التاريخ والبطولات والثورات في حياة الشعوب .
الحرية هي عروس عذراء تعبر الخواطر والآمال والحلم بثيابها البيضاء , تمر على المتطلعين إليها بعفة وترفّع وخيّلاء .
الحرية لها مهرها وعلى المتقدم إليها أن يدفع هذا المهر وان يؤتمن على عفافها ويصون شرفها ,يصون سمعتها وإسمها .
جميع الاجيال العربية, اقول العربية لأننا في وطننا العربي محتلون منذ خمسة قرون , توارثنا في هذه القرون جميع أصناف العبودية وجميع أشكال الذل والهوان وصولا إلى انعدام الإرادة والإستلاب والإختلاف على التسميات , في مفهوم الإستعمار والإحتلال والمواقف الوطنية , تغيرت الحقبة وتغير الإحتلال وتوسع الإستعمار وتغيرت أدواته وتغيرت صوره , ومازلنا مختلفين على التوصيف والتصنيف والألقاب والتسميات.
هناك من قال فتحا وهناك من قال احتلالا , وفي حينها فتح البعض صدور أشقائهم وقلوب جيرانهم ليخرجوا منها أنفاس الحرية إرضاء للفاتحين .
و مع تغير الوجوه للمستعمر غير المدافعين عن الإستعمار القديم مواقعهم واصبحوا ملكيين أكثر من الملك وغزاة أكثر من الغازي وسفاحين أكثر من السفاح ,وهؤلاء جميعهم هتفوا باسم الوطن وقتلوا باسم الوطن وتحدثوا بلسان الوطن , وسُجلت الثورات العربية باسمائهم وألصقت البطولة ببعضهم والبطولة منهم براء,( ثورة عربية يقود حربها و حبرها ضابط إنكليزي) هذا التاريخ الطويل والمرير والمؤلم والمؤذي لمجرد قراءته ,مازلنا ندور في حلقاته نفسها , تتغير بقع الحراك ومراكز الإهتمام لكن الادوار نفسها والكومبارس يبدلون ملابسهم ومواقعهم حسب الحاجة لكنهم يرددون النص نفسه .
اليوم اصبحت الحركة اسرع مع الوسائل الحديثة ,وتغير المواقع يتم بواسطة القفز وليس التململ والزحف البطيء , وقلة الحياء والوقاحة والصفاقة صفة مشتركة عند معظم الحكام ,كان أقلهم حيلة في الوقاحة زين العابدين بن علي لأنه نقل مخدرا تحت تأثير جرعة علاجية ,لنكتشف ان مبارك انطبق عليه المثل المصري القائل (ناس تخاف متختشيش) ولكن بعد وصولنا للعقيد ابو اربعة واربعين صفة واسم الذي مازال قائدا لثورة لا ندري ماذا حققت بعد 42 سنة ونحن نرى ليبيا أكثر البلدان العربية فقرا و تخلفا عمرانيا وصحيا وثقافيا وعلميا وعلى كافة الصعد وهي تمتلك تاسع احتياط نفطي في العالم ,ويطل علينا الأخ القائد العقيد ابوشهاب معمر القذافي ويتحدث باسم الحرية ويهدد العصابات من افراد الشعب الثائر انه سيلاحقه بيت بيت وزنقة زنقة.
اما علي عبدالله صالح صاحب نظرية الحلاقة ,اول من قال طالما أن الحلاّق قادم لنبدأ نحن بحلاقة ذقوننا , وهذا يعني لم يحلق ذقنه فحسب ,بل حلق حلط ملط ويعني انه سلم اليمن للقادم الجديد بسمائها وأرضها مقابل الكرسي , ويطل علينا علي عبدالله صالح يتحدث عن الحرية والأحرار وهو يطلق النار على كافة ابناء اليمن , بعد ان كانت البندقية موجهة إلى الحوثيين فقط تحت حجة انتمائهم الديني والصاقهم بإيران ومباركة العالم لهذا الذبح الوطني ,تحولت سكين القتلة الى صدور جميع اليمنين المنادين بإسقاط النظام .
هذه هي الحرية تطوف في البلاد , مرة يستضيفها السلطان ومرة يعبث بها حراس القصر , إلى ان اصبحت تدعى إلى الملاهي الليلية في صحبة الثوريين الجدد ,نعم هناك ثوريين جدد,هؤلاء جنود الحرية والإستئلال الذين يريدون أن يحرروا البلد من المدافعين عن ترابه ومن اصحاب الإنتصارات الوحيدة في زمن الهزائم العربية ,اليوم يطالب شباب وشابات 14 إذار باسقاط السلاح ,السلاح الموجه باتجاه إسرائيل والذي عجزت اكبر قوى في العالم عن اسقاطه بعد ان تحالف معها الصديق والحليف واللصيق والدنيء والبذيء ,وعجزوا عن اسقاطه
اليوم في ساحة الشهداء في وسط بيروت استحضروا الحرية في ثياب شفافة لكي تخلع عليهم ملابسها في أكبر عملية ستريبتيز في الهواء الطلق ,تخلع الحرية ملابسها وتكشف صميم عورتها تحت شعار الشعب يريد إسقاط السلاح .